Saturday 11 October 2014

لا تسرق الجياع


كيف لنا أن نرى أطفالاً جوعى يلتقطون قوتَهم معفراً بالتراب ومن ثمّ نمضي كأن لا عيناً رأت ولا أذناً سمعَت؟
كيف لأحاسيسنا أن تتبلّد على هذا النحو؟
كيف لنا أن نرمي أطناناً من فضلات طعامنا فيما يقتات بشر مثلنا على حصىً وطين؟
لا أدّعي أنّني أنبل وأكرم من كثيرين، لكنّ عادة هدر الطعام تحديداً مسألة تثير الحساسيّة بيني وبين كثر من محيطي.
قسماً أنّه في كلّ مرّة تمتدّ فيها يدي لرمي قطعة طعام أشعر بها تُنتزع من قلبي وتحفر عميقاً في ضميري.
"إن إلقاء بقايا الطعام في القمامة مثل السرقة من الفقراء والجياع". عبارة شديدة القسوة استخدمها قداسة البابا فرنسيس الأول لحضّ رعيّته على الحدّ ممّا أسماها "ثقافة الهدر."
رجل دين يؤدي واجبه الرعوي في زمن السياسة والفتن! لكن رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم ما فتئ يفاجئني بوصايا تذكّرني بجوهر الأديان لا بشعائرها وطقوسها.
"النزعة الاستهلاكيّة جعلتنا نعتاد على هدر الطعام يوميّاً ولم يعد بمقدرونا رؤية قيمته الحقيقيّة."
 القيمة الحقيقية لما نرميه في القمامة تصل الى أكثر من مليار طن من المواد الغذائيّة بحسب منظّمة الأمم المتّحدة للأغذية والزراعة "فاو". مليار طن كفيلة بسدّ جوع 870 مليوناً من البشر!
لكلّ واحدٍ من هؤلاء الجوعى إسم وقصّة وحياة ... وحتماً لهم أحلام وطموحات تتعدّى الحصول على رغيف خبز يشبعون فيه قرصة جوعهم.
مليار طن! منها ما أرميه في سلّة القمامة. هذا الهدر يكلّف كلّ عام نحو 750 مليار دولار.
في المرّة المقبلة التي سأواجه فيها نظرة مستنكرة ً لوضعي فضلات الطعام في الثلاجة، وفي المرّة المقبلة التي سترمي فيها فضلات طعامك ... لنتذكّر هؤلاء الملايين. جوعهم  دَينٌ في رقابنا.
أطفال جوعى! لو كنا حجراً لنطقنا... لكننا بشر: نرى، نسمع، نرمي ما تبقّى من طعامنا، ثم نشيح النظر باتجاه آخر.

No comments:

Post a Comment