Saturday 1 August 2020

... خسائر متراكمة


في طرف عيني دمعة أشدّ عليها وأمنعها من السقوط فأنتبه إلى أنّني استبدلتها بالشدّ على أسناني
فيوقفني الوجع...

 وهل وجع الفكّ أشدّ إيلاماً من وجع الروح؟


هذا نحن لبنانيون في الغربة، نُراكِم الوجع والخيبات والخسارات... وهل بعد من خسارة نخسرها؟

حتى الكلام بات محسوباً علينا... إذا سكتنا، فنحن لا نشعر بآلام المسجونين تحت رحمة منظومة مجرمة. وإذا تكلّمنا حُسِب علينا أنّنا نعيش في نعيم من الكهرباء واللحمة...

واليوم أرواحنا هناك في قعر الهاوية ...وأجسادنا ما زالت في الخارج... نشدّ عليها كلّ يوم لتكافح ولتبقى ولتستمرّ رغم الظروف القاهرة.


وكل يوم يمرّ، نُراكِم الوجع والخيبة والخسارة. خسارة الأمل أصعبها، وخسارة جنى العمر أسهلها.

حياتنا حتى الآن كانت عبارة عن أفراح مؤجلة.

نؤجّل العيد فنمضيه كأيّ يوم عطلة. نذهب الى المطعم من أجل وجبة بلا روح ونعود بانتظار العيد الذي سنمضيه هناك حيث الروح.

نراكم الوقت في الغربة وكأنه غير محسوب من عمرنا.

نرتّبه ساعةً فوق ساعةٍ في صندوق مقفل نصرف منه بعض الساعات مع إجازة كلّ صيف وباقي الساعات نتركها آمنة في الصندوق مع خطط لاستخدامها عندما تنتهي الغربة..
نقتصد بها ليوم لا بد سيأتي عندما سنجلس أخيراً في ظلّ داليةٍ وارفة على أطراف منزل العمر الذي لم نبنه بعد...

هذا نحن، رحلة انتظارٍ طويلة، تبدأ بخطة من ثلاث الى خمس سنوات على الأكثر، فينتهي العمر وتتعب الأحلام ويكبر الأولاد ولا تنتهي السنوات الخمس.

هذا نحن، نحن الذين تغبطوننا على هروبنا من جحيم وطن أنتم قدّستم فاسديه وكبّرتم ناهبيه ونحن كنّا ننظر اليكم من الخارج، نرسل عرق جبيننا  ليسند خيبات الوطن ونصمت مخافة معايرتنا بأنّ من يده بالنار ليس كمن يجلس في نعيم من الكهرباء والقانون واحترام حقوق الانسان.

 وصمتنا بالفعل... غبنا عن جنازات لم نلمس فيها وجه أهلنا لمرة اخيرة فذرفنا دمعة ً ميتة في غرف خلَت من المعزّين... وفوّتنا أفراحاً كثيرة زفت صغار العائلة الذين كبروا على حين غرة..

 أجّلنا الحزن والفرح ليوم تنتهي الغربة، وصحونا يوماً لنجد أن الوطن انتهى...الحلم انتهى..
 لكن الغربة مستمرة...