Saturday 27 October 2012

كان اسمها عليا



كانت جميلة جداً وما زلت أذكر فستانها الزهري وقبعتها الواسعة في حفل زفاف شقيقتي.
كانت بعمري تماماً، تسع سنوات لا أكبر ولا أصغر.
كنت أعيش في القرية الآمنة آنذاك وكانت تزورنا في عطلة كل أسبوع آتية ًمن المدينة.
تماما كهذه الأيام، قبل العيد مباشرة، ذهبت مع والدتها لشراء الثياب لكنها... لم تعد.

كان اسمها عَليا!
لم أنسَ فستانها الزهري يوماً كما لم أنسَ قبعتها الواسعة ولا كيف اختفت فجأة.
السيارة المركونة على جنب الطريق والتي أودت بصديقتي الصغيرة أبقت على والدتها مقطوعة الساقين تصرخ: لمَ نجت هي ورحلت عليا؟
تزوجتُ أنا وأنجبت، درستُ، تخرجت من الجامعة وعملت لكنني ما زلت أتساءل لمَ بقيتُ أنا ورحلت عليا؟

عليا كانت بالأمس البعيد، جنيفر عانت بالأمس القريب، بمن ستتربص تلك السيارة المركونة إلى جانب الطريق غداً؟

كندا/ تشرين الأول 2012

Friday 19 October 2012

Rest of the world


*

في إحدى تغطياتي الصحفية الخارجية ذهبت لاستلام بطاقتي الصحفية من المكتب الإعلامي الذي ينظم عمل الوفود الصحفية الأجنبية خلال الحدث. كما هو طبيعي ومتوقع كُتب على بطاقتي الصحفية: اسمي، مهنتي واسم المؤسسة التي أمثلها، اما المفاجأة الصادمة فكانت في خانة اسم البلد حيث وضع التعريف التالي: "باقي العالم"...

ولمزيد من الشرح فإن الوفود الصحفية قُسمت على أساس الدولة التي حضر منها الوفد: الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، اليابان، الصين... وصولاً الى المكان الذي حضرت منه وهو:
"Rest of the world"!

للوهلة الأولى... ضحكت. ومن ثم غضبت. هل يُعقل في هذا الزمن وفي هذا العالم ان تكون "دبي" أو دولة الامارات العربية المتحدة التي كانت مقر إقامتي ومركز عملي والتي كان يجب ان تكون على خانة البلد في بطاقتي الصحفية، هل يُعقل ان تكون مجهولة الى هذا الحد وهي التي طبقت شهرتها السياحية ونهضتها العمرانية واستثماراتها المليارية الآفاق؟

هذا إما جهل وإما تجهيل ولا أستطيع التفكير بسبب ثالث!



* نشر سابقاً في موقع CNBC عربية الالكتروني
 

Saturday 13 October 2012

رسالة حب متأخرة...

*

تأخّرت كثيراً في كتابة هذه الشهادة. تأخرت عن سابق تصور وتصميم. فكرنفال الغزل في زمن الطفرة ومن ثم جوقات الشماتة والسلبية في زمن الأزمة غطّت على كلّ شيء.

عندما أتيت الى دبي قبل سنوات أعترف: لم تُعجبنِ الإمارة كثيراً!

رأيتها كما ينظر إليها سواي، مدينة موحشة بها الكثير من الناطحات والقليل من الدفء، عامرة بالجنسيات وضنينة بالهويّة الوطنيّة.

لكنني عشت فيها وأنا آكل وأشرب من خيرها منذ ما يربو على خمس سنوات تغير فيها الكثير.

تغيّرتِ المدينة وتغيّرتُ أنا.

شهدتُ دبي الطفرة وعايشتُ دبي العثرة، وفي الحالتين بدأت أتلمس في قلبي قبل عقلي انتماءً لهذه المدينة يفوق انتمائي لكثير من الأمكنة المدفونة في زوايا الذاكرة.

في عامي الأول في دبي، جرّبت مطاعمها ومجمعاتها التجارية الفخمة والضخمة ومن ثم مللت.

عامي الثاني لم يكن بالأفضل، حاولت فيها كغيري من مقيمي الإمارة تجاوز تحديات الزحام الكبير، والغلاء الفاحش والحرّ اللاهب. ومللت.

في عامي الثالث بدأت نسج العلاقات التي تجبرك دبي على خوضها، صداقات من كل طعم ولون: هندية، إيطالية، عراقية، باكستانية، افريقية...

صداقات فتحت لي عوالم لم أكن لأراها او أكتشفها في المحيط اللبناني الضيّق المنقسم على نفسه والمختلف حتى على جنس الملائكة.

تعلّمت أن أكون أكثر جرأة لاختبار الجديد من طعام وتفكير وحتى اكتساب معارف جديدة. تعلمت أن حدود الوطن أوسع مما رُسم على خريطة وان العمر خبرة واكتساب معارف وليس مجرد أرقام.

وتعلمت كيف أبدأ ولو متأخرة اقتحام أحلامي المؤجلة ..

وها أنا في عامي الخامس في دبي أكتشف أن المدينة منحتني الكثير.

منحتني الحياة المدنية التي يشتهيها أي مواطن في بلده، منحتني الخدمات التي تحترم إنسانيتي وراحتي الجسدية والنفسية. وجدتني في مدينة فيها كلّ شيء وما عليّ إلا الإختيار وهذا بحدّ ذاته ترفٌ في بلادنا.

وأنا اخترت أن أكون سعيدةً في دبي، إخترت أن أتفوق على هواجسي لأن إيقاع دبي السريع لا يلتفت للكسالى. وأنا اليوم إنسانة أفضل.. بمقاييسي الخاصة على الأقل.

هذا ما قدمته لي دبي: الرضا.شكراً دبي... أحبك


17/6/2010

* نشر سابقاً في موقعCNBC عربية الالكتروني

كان يا ما كان قبل ألف ليلة وليلة...

*
قبل آلاف الليالي سهرت صبية ماكرة ليالٍ طوال تحاور عقل الرجل وتناوره ضماناً لاستمراريتها، وسردت حكايا ذهب معظمها أمثالاً شعبية وحِكماً وتوّجت مجموعة القصص التي ضمها مخطوط "ألف ليلة وليلة" على رأس الأدب الشعبي في كل زمان ومكان.
قبل سنوات وفي الذكرى الأولى لميلاد ابني البكر زرت برفقته أحد معارض الكتب السنوية. كانت عربات التسوق تحيط بنا في أروقة المعرض وكأننا في سوبرماركت يتبضع بها المتسوقون كتباً بالكيلو.
كان هدفي حينها ان أهدي إبني كتاباً يفتتح به مكتبته الخاصة؟ وأن أحبّب إليه فعل القراءة من الصغر.
وتساءلت: ما الكتاب الذي سيضيف الى رصيده اللغوي والأدبي؟ ما الكتاب الذي سيفتح له آفاق الخيال ليبحر واسعاً في حياة تمتد وتتشابك خطوطها الحمر عاماً بعد آخر.
بدا الجواب شديد الوضوح في ذهني: إنه"ألف ليلة وليلة".
الكتاب الذي رافقنا في أمسيات الحكايا صغاراً، أوقد شعلة الإبداع لكثير من الكتاب والموسيقيين والفنانين وألهم ملايين البشر حول العالم على مدى السنين.
إنه ألف ليلة وليلة نفسه الذي يواجَه اليوم بحملة ظلامية تبدو شديدة النفور في القرن الواحد والعشرين الذي يشهد ثورة علمية وتكنولوجية قوامها الأساسي حرية الإبداع!
عندما يتقدم عدد من المحامين في مصر بدعوى ضد "الهيئة العامة لقصور الثقافة" (وهي هيئة حكومية مصرية) ويدعون لسجن رئيسها ويطالبون بمصادرة كتاب ألف ليلة وليلة الذي أعيد نشره حديثاً عن سلسلة "الذخائر" التي يرأس تحريرها الكاتب جمال الغيطاني فهذا يعني أن البعض يستطيع أن ينفي كل الأبعاد الانسانية والأدبية والتاريخية عن هذا الإبداع الذي عمّ الأرض من مشرقها لمغربها بحجة انه... خادش للحياء!
كيف لنا أن نفتح صفحة المستقبل بثقةٍ إن كنّا نقفل وبإحكام كلّ نوافذ الماضي؟
الممنوعات والمحظورات في حياتنا أصبحت كثيرة تكبلنا عن وعي وعن غير وعي، تمارَس علينا مختلف صنوف الرقابة ومنها ما نمارسه ذاتياً بإصرار الرقيب الصارم نفسه. ممنوع علينا اليوم أيّ نقاش حر أو حتى مراجعة بريئة في الأدب كما في السياسة والدين أو التراث.
هل هذا مرض أم عرَض؟
في حال خطر لكم البحث يوماً عن حجم الكتب المنشورة سنوياً في أنحاء الوطن العربي الشاسع ستدركون ان هذا مرضٌ وانه وصل حدّ العضال.
ويبدو ان أحد الصبورين احتسب كمية القراءة في عالمنا العربي فوجد أن متوسط القراءة لكلّ فردٍ عربي لا يتجاوز ال6دقائق سنوياً! وهو رقم مخيف حتى من دون مقارنته بأي رقم آخر في أي مكان في العالم.لكن المعلومة تكتمل بذكر متوسط القراءة للفرد في الغرب والذي يصل الى 12 ألف دقيقة سنوياً!
نسبة الأمّية في وطننا العربي 28%من مجموع السكان. نسبة الأمّية لدى النساء العربيات 40%!
هذه الارقام يبدو أنها لم تثر حفيظة مجموعة من الباحثين عن الشهرة والساعين لتجهيل الناس.
مجموعة ارتأت أن الأفضل لعموم العرب أن يقرأوا ما يبقيهم في خانة التابع المكتفي بقراءة كتب الطبخ والتنجيم وكتب بلهاء تعلمك نظرياً كيف تنجح مهنياً وعائلياً واجتماعياً...
لو علمت شهرزاد أن مصيرها سيُقرَر في المحاكم وأن نهايتها ستكون على يد حفنة من الجهلة لعلها كانت اختارت سيف"مسرور" وصمتت من تلقاء نفسها عن الكلام غير المباح!
 
* نشر سابقاً في موقع CNBC عربية الالكتروني
  

أريد مترجماً

*
 
ولدا صديقتي الصغيران لا يستلطفانني!
أمازحهما، ألاعبهما، لكنّهما ببساطة ينظران اليّ شذراً بتعابير تنم عن السأم الشديد.
جريمتي أنني أصرّ على مخاطبتهما باللغة العربية! لا أحدّثهما بلسان سيبويه الفصيح بل بكلمات عامّية هجينة هي خلاصة ما تبقّى لنا من لغة عربية ورغم ذلك لا يردّان ولا يفهمان ويرفضان هذا التخاطب جملةً وتفصيلاً.
صديقتي تلعب اليوم دور المترجم بيني وبين ولديها، أحدّثهما بالعربية فتنقل كلامي لهما باللغة الانكليزية التي باتت لغتهما الاولى والوحيدة وهما طفلان عربيان لوالدين عربيين يعيشان في دولة عربية.
هذه الغربة اللغوية لدى توأمي صديقتي ليست بحالةٍ شاذة، أواجهها يومياً ولدى أطفال معظم من ألقاهم من مواطنين ومواطنات عرب. بل إن إتقان إبني الذي لا يتجاوز عمره الستّ سنوات للغة العربية بات مثار استغراب هؤلاء ومدعاة لثنائهم على مواهبي وكأنني قمت بإعجاز لا قبل لهم به.
حرصي على اللغة العربية غير نابع من رغبة في البقاء أسيرة جدران معزولة، فتعلّم اللغات الأجنبية بل إتقانها يفتح أبواب عوالم غنية، فيها مفاتيح علم وتكنولوجيا، وأنا أحترم ذلك تماماً لكن الأمور وصلت حد التخلّي الكامل عن لغتنا الأم.
ويلفتني أن البعض يرطن اليوم باللغات الأجنبية إعلاناً لمقام اجتماعي أو مالي أرفع، فهذه اللغات تُفرّغ من بُعدها العلمي والثقافي لتصبح تعبيراً سطحياً عن مكانة أو "بريستيج" متكلف وسخيف.
حتى هذا السخف مقبول طالما أنّه ليس على حساب اللغة العربية، اللغة التي أفكّر بها، أحسن التعبير بواسطتها وأحبّ وأكره بمفرداتها؟
أن أقرأ وأن أكتب بلغة اجنبية فهذا مصدر غنى وقيمة مضافة لمعارفي وثقافتي، أمّا أن أجهل لغتي الأمّ ولا أفلح في فكّ حروفها فهذا الجهل بعينه.
هل تتصوّرون أن يستمتع أطفالكم يوماً بروائع النتاج الأدبي الغربي وهم محرومون من التمعّن ببيت شعر واحد لشاعر عظيم كالمتنبي مثلاً؟ أو الإبحار في عوالم مدهشة مع صوت فيروز؟
قد يحاجج البعض بأن هذا كلامٌ عاطفيّ وهو أمر لا أنفيه، لكن لغة الأرقام تدعم بدورها ما أقوله، فقد أظهرت دراسة حديثة لمؤشر فرص العمل أجراها موقع التوظيف المعروف في منطقة الشرق الأوسط بيت دوت كوم بالتعاون مع باحثيYouGov Siraj ان مهارات التواصل باللغة العربية تعتبر ميزة إضافية بالنسبة للمؤسسات في المنطقة عند قيامها باختيار موظف جديد، وقال 60% من أصحاب المؤسسات المستطلَعة آراءُهم إن هذه القدرة على التواصل باللغتين العربية والانكليزية هي الأكثر رغبة عند اختيارالمرشحين للوظائف!
في السياق ذاته أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز "إبسوس" الدولي للدراسات قبل فترة وجيزة لصالح جريدة "الإمارات اليوم" ان 61% من السكان الأجانب غير الناطقين باللغة العربية في دولة الامارات العربية المتحدة يؤيدون إلزام تعليم اللغة العربية! علماً ان المدارس الخاصة في الإمارات تُلزم الطلبة من الجنسيات العربية تعلّم اللغة العربية وتترك للطلبة الأجانب حرّية تعلّمها. واللافت أن بعض الأهل العرب من حاملي الجنسيات الأجنبية يفضلون تسجيل أطفالهم في المدارس بجنسياتهم "الغربية" بهدف إعفائهم من تعلم "لغتهم".
اللغة العربية ليست قواعد وحروف، اللغة العربية هويّة وتاريخ وعندما نتخلّى عنها في عداد ما نتخلّى عنه في هذه الأيام يعني أنّنا نبتر ما يُبقينا على تماس مع سكينتنا،مع جذورنا ومع أرواحنا.
 
* نشر سابقاً في موقع  CNBC عربية الالكتروني
 


رضا وسنواته... الثمانية

 
كتبت لك البارحة فقط أنك أخيراً أتممت السابعة من عمرك!
أعتقد أنّني كتبتها البارحة فقط... لكن كيف بك اليوم تتمّ الثامنة؟
يا لغدر العمر... كيف يمرّ في لحظة
يا لكرم القدر كيف أرضاني وأجاد عليّ وأنار سمائي
يا رضا قلبي وروحي سأتضرع الليلة على أمل أن أستيقظ صبيحة الغد لأبارك لك بلوغك التاسعة... والعاشرة...  والعشرين... و...
 
كندا 20-1-2012

رضا وسنواته السبع

...اليوم تتمّ السابعة فالعمر كلّه لك
لا تستصغر الرقم فالله خلق السماوات السبع في سبعة أيام
وأنا قبل سبعة أعوام من اليوم فقط أبصرت الحياة أيضاً
قبل سبعة أعوام كنتُ فرداً وأصبحت اماً
كنّا زوجاً وأصبحنا عائلة، كنّا صورةً وأصبح لنا إطار يضمّنا
كنا لبنى وحسن فقط
فأصبحنا بفضلك أبو رضا وأم رضا
ستقرأ يوماً هذه الكلمات يا رضا فلعلّك تجد بين سطورها الأمل الذي لا أحسن تلقينه لك الآن
ستقرأ ربما ثقتي العمياء بك وبالأيام الجميلة التي ستجدها في انتظارك لأنك أيقونتي ولأنك قبلتي عند كل صلاة وتضرع
لعلك تكون ما زلت على براءتك الثمينة، لعلك تكون ما زلت حنوناً حريصاً على الضمة والقبلة
لعلّه يكون لك الوطن الذي تشتاقه ليل نهار وتحبّه ولا يحلو لك مكان غيره
لعلّه سيبادلك الوفاء والمحبة حينها
لعلّه سيكون قد توقّف أخيراً عن السعي للفظك ونكرانك قبل صياح الديك
وإن لم يكن لك ذلك يا رضاي فلا تلُمني على بحثي الدؤوب عن مرقد عنزة بعيد بعيد لك ولشقيقك
اليوم تتمّ السابعة فلك العمر كلّه، عمر تزيّنه بسمتك الأحلى وطيبتك المتوارثة وكرمك غير المحدود فأنت كأسلافك تماماً ما أيسر أن تنقلب لاءُك نَعَماً
إمضِ يا رضا بسنواتك السبع وما بعدها فخوراً بهويّتك وبجذورك منشداً الفرزدق عندما تُسأل مَن أنت ومن أيّ أرضٍ أتيت: فبجدّك أيضاً أنبياء الله قد خُتموا
 
دبي 20-1-2011

إلى الحاضرة دائماً


تتشابه الأيام. تمرّ سريعةً تارةً وبطيئةً غالباً وفي كلّ لحظاتها لا أبارح انتظاركِ.
أحد عشر عاماً بالتمام والكمال. مرّت بسرعة ومرّت ببطء لكنها مرّت من دونكِ وبحضوركِ الطاغي في كلّ تفاصيلها.
قيل لي: ليس أصعب من المصيبة إلا استصعابها، فقرّرت أن أصدّق وأستسهل ألم فراقكِ فلم أزدد إلا اقتناعاً بفداحة الخسارة.
أنتِ الطعم الذي يُحلّي كلّ ما آكله أو يملّحه وفي الحالتين أنتِ طعم الحياة المفقود.
أصغي السمع أحياناً علّني أسمع همسةً منك، إشارةً إلى أنّك ما زلت تسمعين وتشاركين، فيرتدّ إليّ الصمت بعباراتٍ سابقة، بخيالاتٍ مرسومةٍ كلّ ما فيها جميلٌ وعيبها أنها ليست ملموسة.
أطوّع الصوت، فماذا أفعل بالرائحة وأنا أشتاقها وأشتهيها وأحنّ إليها في كل لحظة؟
أحد عشر عاماً مرّت ملكتُ فيها الكثير، بل أكثر ممّا حلمت وأملت وتخيّلت، وأشعر بالعار لاشتياقي إلى ما فقدت.
لكنني بشرٌ، أصبحت أمّاً وما زلت طفلةً أفتّش في الوجوه عمّا يُرضيكِ يا أمّي.
أحد عشر عاماً مرّت لكنّ قلبي ما زال يهوي مع طَرفَة كلّ شال فيها ما يشبه شالِك.
أحد عشر عاماً وكأنها لم تمرّ، كأنّني بكِ هذه اللحظة تعودين خطواتٍ إلى الوراء تستمهلين المصعد لتعودي وتطبعي على عنقي قبلتك الأخيرة غير المعهودة.
أحد عشر عاماً شهدتُ فيها الكثير ونسيتُ الكثير وتبقى سخونة تلك القبلة، طزاجتها ورهافتها زادي وعوني للسنوات المقبلة فكلّ عامٍ وأنتِ بخير.
 
 
لبنى
دبي 12-9-2009