Friday 5 March 2021

معارك تافهة

 

 

فن اختيار المعركة...

قد تستغربون القول إن الحياة معركة مستمرة... لكنها فعلاً كذلك!

نحن في مهمة يومية للاستمرار، نجر حياتنا من يوم إلى يوم، رغم القلق، رغم العثرات ورغم الخيبات مهما كبرت أو صغرت.

وأنا على مشارف السادسة والأربعين انتبهت إلى أنني لم أحسن اختيار معاركي..

لعله اكتشاف متأخر لكنه جزء من عملية التعلم المستمرة قبل أن تسقط ورقتنا.

ونحن كما تعلمون لا نملك ترف اختيار خوض غمار معركة أو الهروب منها. لا، هذا الترف غير موجود...

 ولو حاولتم وتقاعستم وتخاذلتم ستقفز أمامكم أحيانا بعض الخيارات التي ستفرض عليكم اتخاذ القرار الذي سيودي بكم إلى المعركة شئتم أم أبيتم...

ما وجدته بعد خبرة عسيرة أن الوقوف بوجه العاصفة هو أسهل الحلول

 التأجيل والتسويف والمماطلة لن يفلح سوى في هدر طاقتكم بلا جدوى... بعد ذلك ستكونون على مفترق طرق يحتم عليكم اختيار سبل المواجهة...

وأنا صرفت الكثير من الطاقة والجهد وساعات حياتي الثمينة في معارك لا تستحق، على أناس لا يستحقون، لأسباب ليست بذات جدوى...

ولو قدر لي أن أواجه من جديد:  لاتخذت مسافة ً، لكنت عدت خطوات الى الوراء وسألت نفسي:

هل المعركة تستحق؟

هل الشخص المواجه لي على قدري؟

ما الذي سأجنيه في ميزان الربح والخسارة من هذه المواجهة؟

بعدها كنت لأقرر:

 إذا كانت المعركة بأسبابها وأطرافها جديرة بالاستمرار، لشمّرت عن ساعديّ وخضت غمارها بيديّ وأسناني...

وإن ثبت العكس، لابتسمت واحدة من ابتساماتي الصفراء الواسعة، لأخذت نفساً بطيئاً وابتعدت بهدوء المتعالي الذي يعرف أن الجيفة وراءه لا تستحق مجرد الفكرة العابرة.

يا لهذه الساعات الثمينة، كم أهدرتها في معارك تافهة

يا لتلك الابتسامات الصفراء كم كنت ضنينة بها في عز الحاجة إليها

على أبواب السادسة والأربعين يا أهلا بالمعارك... لكن: فقط المستحقة منها!