Monday 15 December 2014

...عنصرية متأصلة


بعض الأمور تحفر عميقاً في وجداننا فيستحيل نسيانها.

نسيت الكثير على مدى الأعوام التي عشتها وأعمل جاهدة على نسيان بعضها الآخر.

لكنّني لا أنسى مثلاً الحديث العنصريّ المستفزّ واللاأخلاقيّ لإحدى الصحفيّات اللبنانيّات. تلك التي عايرت مهجّري الجنوب إبان حرب 2006 بأنّها طبخت لهم وأطعمتهم في عزّ هربهم وأزمتهم وخوفهم.

البعض التمس العذر لتلك الإعلامية على اعتبار أنّ كلامها جاء في معرض التنديد بأحداث بيروت عام 2008. يعني هي ندمت على موقف إنسانيّ وأخلاقيّ قامت به تجاه مواطنيها الأبرياء العزّل بسبب موقف سياسيّ وعسكريّ لحزب سياسيّ وعسكريّ قام بواحدة من جولات الحروب الكثيرة التي شهدها وطننا العظيم على كافّة أراضيه ومن كافّة أطيافه وطوائفه.

أعود إلى تلك الإعلامية "الزميلة" تلك لأذكّر نفسي وغيري بأنّه من لم ولا يقبل منطقها عليه أن يرفض اليوم وبقوّة ممارسات البعض (أفراداً ودولة) تجاه اللاجئين السوريّين العزّل بدورهم، والأبرياء بدورهم، وهم أيضاً بأمسّ الحاجة إلينا اليوم في عزّ هربهم وأزمتهم وخوفهم.

في الحالتين، حالة الندم على مساعدة أهل الجنوب وحالة العنصريّة الهمجيّة في التعاطي مع اللاجئين السوريّين، نجد أنفسنا أمام تأكيد مؤلم لحقيقة أنّ بعضنا فوقيّ بطبعه، عنصريّ بتربيته، وهمجيّ بممارساته.

لا يهمّ متى وأين تظهر عنصريّتنا فهي كامنة أبداً فينا، تظهر تارة تجاه العاملات الأفريقيّات والآسيويّات، وطوراً تجاه الوافدين السودانيّين والعراقيّين. وهي اليوم تأخذ شكل الطقس الوطنيّ في تمظهرها حيال اللاجئين السوريّين.

غوث اللاجئ أو المحتاج، مساندته، وفي الحدّ الأدنى تحمّله، موقف إنسانيّ وأخلاقيّ ومبدأيّ لا يتطلّب بعداً دينياً ولا توافقاً سياسيّاً ولا حتّى قدرة ماليّة. كلّ ما يتطلّبه تربية مدنيّة نفتقر إلى الحدّ الأدنى منها.

... صباحات قديمة


يأتي صوتهما عاليا ً ككل صباح، يبدآن نهارهما في باحة منزلهما وكأنها واحدة من غرف البيت  الداخلية.

يمر أبو محمد فتنده له الحجة ليدخل. "القهوة جاهزة". تصرخ بصوت جهوري حاد. صوتها لا يعكر وضوح نشرة أخبار البي بي سي التي يستمعان اليها.

تمر شاحنة مسرعة وتكاد تصطدم بسيارة على الكوع تحت نافذتي مباشرة.

وأنا أحاول إكمال نومي في دفء سريري.

صوت المذياع عالياً في المطبخ . أمي في روتينها اليومي تستمع لدعاء الصباح بصوت السيد فضل الله.

تفتح ابنتي باب غرفة النوم لتوقظني.

جسدي هنا حيث أولادي يبدأون ضجتهم الصباحية المعتادة، حيث لا حجة ولا أبو محمد ولا بي بي سي ولا أمي. جسدي يستيقظ هنا بعيدا آلاف الأميال عن هناك حيث ذاكرتي تنبض طازجة لا تعترف بمسافةٍ  ولا زمن.

خيّل إليّ لوهلة أنني سأخرج الى الشرفة لأرى ناس قريتي يتوجهون مسرعين الى سوق الجمعة وأنني سأدخل المطبخ لأعد قهوتي فأرى أمي منهمكةً  شأنها دائماً.

كان ليكون يوما ً مثالياً.

سأغادر فراشي الآن. سأدخل مطبخي الكندي البارد لأعدّ القهوة. لا شرفة هنا، لا سوق جمعة ولا أمي تستمع الى دعائها لكن نهاري سيبدأ بقبلات وضحكات ولا أروع من أطفالي الثلاثة.

ذاكرتي ستهمد تحت ضغط مهامي اليومية وسأبدأ نهاري بعيدا ً جدا ً عن حيث استيقظت منذ دقائق قليلة فقط.  

Friday 5 December 2014

هي السما... وأكثر



هل سمعتم بوردة ٍ بلا رحيق؟
هل شهدتم ولو لمرّةٍ شمساً بلا نور؟
هذا ما كانت لتكون عليه حياتنا بلا شعرها الطويل المجدول.

**
في لحظات الفرح، الحزن، في كلّ همسةٍ من يومنا
هي النورُ في سمانا، هي عنبرنا والبخور
احفظها لنا ربّي... وعهداً لأصلّي لكلّ نبيّ ورسول

****
زينة ُ حياتي هي ونبض ُ القلب
يا رب أمِدَّها من عمري عمراً  واطرح في روحها من روحك نور
وكن لها في غدوها وفي الآصال حرزاً من كلّ عزول

******
حوريّة ٌ من ضلع الملائكة
أميرة ٌعطرها ورد ٌ... ملمسها عنبر
لا بركة في حياتنا بلا ملحها
لا طعم يحلو بلا هذا السكر

هي العمر ُ وما تبقّى...
هي الزاد ُ من العشيّ  للسَّحَر...
هي؟  هي السما... وأكثر

كندا
2014/11/9