Saturday, 13 October 2012

رسالة حب متأخرة...

*

تأخّرت كثيراً في كتابة هذه الشهادة. تأخرت عن سابق تصور وتصميم. فكرنفال الغزل في زمن الطفرة ومن ثم جوقات الشماتة والسلبية في زمن الأزمة غطّت على كلّ شيء.

عندما أتيت الى دبي قبل سنوات أعترف: لم تُعجبنِ الإمارة كثيراً!

رأيتها كما ينظر إليها سواي، مدينة موحشة بها الكثير من الناطحات والقليل من الدفء، عامرة بالجنسيات وضنينة بالهويّة الوطنيّة.

لكنني عشت فيها وأنا آكل وأشرب من خيرها منذ ما يربو على خمس سنوات تغير فيها الكثير.

تغيّرتِ المدينة وتغيّرتُ أنا.

شهدتُ دبي الطفرة وعايشتُ دبي العثرة، وفي الحالتين بدأت أتلمس في قلبي قبل عقلي انتماءً لهذه المدينة يفوق انتمائي لكثير من الأمكنة المدفونة في زوايا الذاكرة.

في عامي الأول في دبي، جرّبت مطاعمها ومجمعاتها التجارية الفخمة والضخمة ومن ثم مللت.

عامي الثاني لم يكن بالأفضل، حاولت فيها كغيري من مقيمي الإمارة تجاوز تحديات الزحام الكبير، والغلاء الفاحش والحرّ اللاهب. ومللت.

في عامي الثالث بدأت نسج العلاقات التي تجبرك دبي على خوضها، صداقات من كل طعم ولون: هندية، إيطالية، عراقية، باكستانية، افريقية...

صداقات فتحت لي عوالم لم أكن لأراها او أكتشفها في المحيط اللبناني الضيّق المنقسم على نفسه والمختلف حتى على جنس الملائكة.

تعلّمت أن أكون أكثر جرأة لاختبار الجديد من طعام وتفكير وحتى اكتساب معارف جديدة. تعلمت أن حدود الوطن أوسع مما رُسم على خريطة وان العمر خبرة واكتساب معارف وليس مجرد أرقام.

وتعلمت كيف أبدأ ولو متأخرة اقتحام أحلامي المؤجلة ..

وها أنا في عامي الخامس في دبي أكتشف أن المدينة منحتني الكثير.

منحتني الحياة المدنية التي يشتهيها أي مواطن في بلده، منحتني الخدمات التي تحترم إنسانيتي وراحتي الجسدية والنفسية. وجدتني في مدينة فيها كلّ شيء وما عليّ إلا الإختيار وهذا بحدّ ذاته ترفٌ في بلادنا.

وأنا اخترت أن أكون سعيدةً في دبي، إخترت أن أتفوق على هواجسي لأن إيقاع دبي السريع لا يلتفت للكسالى. وأنا اليوم إنسانة أفضل.. بمقاييسي الخاصة على الأقل.

هذا ما قدمته لي دبي: الرضا.شكراً دبي... أحبك


17/6/2010

* نشر سابقاً في موقعCNBC عربية الالكتروني

No comments:

Post a Comment