**
لأنني أؤمن أن الكتابة
ليست فعل تسلية ومجرد إفراغ عاطفي أكتب اليوم عن حالة عل فيها بعض العبر.
عندما قررنا زوجي وأنا الهجرة الى كندا قبل سنوات قليلة
كان المستقبل الأفضل لعائلتنا ولأطفالنا هو البوصلة التي وجهت خطواتنا. قرأنا
الكثير، سألنا، عملنا كمحققين على مدى شهور بحيث نخفف قدر الإمكان من قدر ومن وقع
المفاجآت غير السارة. أطمئنكم أن هذا البحث المسبق أثمر في كثير من القرارات التي
تبين لاحقاً أنها صائبة وبقوة. لكن الزهو ببعض التفاصيل ليس هدف هذا البوح. على
العكس انه عن المفاجآت او الاكتشافات التي لا يمكن لأي شخص أن يحيط بها
جمعيها قبل الخوض في تفاصيل الحياة
اليومية.
وجدنا بشر هذه الأرض على غير طينتنا وهو ما كنا قد
سمعناه سابقاً. يبتسمون كثيرا... وهذه تحديداً من الملاحظات التي أربكتني في
الشهور الأولى. فردة فعلي الأولى عند
النظر الى غريب أو غريبة كان دائما إشاحة
النظر من دون إبداء أي بادرة مغايرة لواقع
انهم غرباء عني. لعلكم أكثر لطافة مني، لكنني بصراحة قلما ابتسم لغريب أو لغريبة، ربما لأن الثقافة
والتربية التي نشأنا عليها غالباً ما تعلمنا الاحتراس من التفسير الخاطئ لأي همسة
أو لفتة قد تصدر عنا. ذكورا كنا أو إناثاً.
المهم، كنت أتعامل مع أشخاص مبتسمين طيلة الوقت، ودودين
غالباً وعلى استعداد دائم لفتح الأحاديث السريعة الإيجابية التي لا تعني الكثير
غالباً. لعلها دردشات عن طفلتي، عن الطقس،
عن الأسعار، لكنها كانت تحمل الكثير من الاحساس بوجودي. لم تكن تشبه أبداً شعوري مثلاً
عند مشاركة المصعد مع أحدهم أو إحداهن في أي دولة من دولنا العربية من دون ولا أدنى تحية أو ابتسامة! مجرد تجاهل تام
لوجود شخص آخر يشاطرك سنتيمترات قليلة وهواء محدود ولو للحظات. كنت وما زلت أكره
تلك الثوان في المصعد وأتجنبها كورطة.
الابتسامة، الرعاية الصحية المجانية، التعليم المجاني،
جواز السفر الذي يعفينا من إذلال السفارات....كلها أمور نعرفها عن مزايا الهجرة الى
الغرب عموما وفي حالتي الى كندا خصوصاً. لكن ماذا عن البيروقراطية المرافقة لهذه
الرعاية الصحية والتي قد تجبرك أحيانا على انتظار شهور قبل زيارة الطبيب؟ ماذا عن جودة التعليم
المجاني التي تخفي بين طياتها الكثير من القطب المخفية ؟
القول أن لكل شيئ وجهين ليس تنظيراً في خيارنا وقرارنا
الهجرة وترك مجتمعاتنا. هذا القول يجب أن يكون حافزا للبحث دائماً عن الجهة
المقابلة التي لا نراها للوهلة الأولى وقد ننكر وجودها أصلاً. التعليم هنا مجاني
ومتاح للجميع وهي نعمة لا نحلم بها في دولنا هذا صحيح لكن هذا لا يعني أن نولي
النظام التعليمي هنا ثقة عمياء.كلنا سمع عن التعليم المجاني في كندا لكن من
سمع عما يُسمى هنا "لعبة الاختناق"؟
"لعبة"! تخيلوا انها
تسمى لعبة! وهي وسيلة مرعبة ومميتة والأهم انها شائعة هنا وعلى نطاق واسع بين أطفال لا يتجاوز عمرهم الأحد عشر عاماً.
هذا البوح اليوم هو لحثكم على البحث عن هذه اللعبة
تحديداً والتنبه لمخاطرها. هذا البوح هو لمشاطرتكم واحدة من معارك الهجرة التي قد
لا ترقى الى مستوى معارك القتل والتخوين والتكفير التي تجتاح يوميات مشرقنا المريض
لكنها تبقى تحدياً عندما تقررون اقتحامه فعلى الأقل احرصوا على خوضه بعين مفتوحة الى أقصى الحدود.
*** لمعلومات أكثر عن
"لعبة الاختناق" زوروا:
ولمعلومات أوفى عن بعض تحديات النظام التعليمي الكندي زوروا:
No comments:
Post a Comment