*
لم أرها يوماً...
أساساً لم يبقَ لها وجه
لأراه... لكنّها لا تبارح تفكيري ولو للحظة...
لم أسمع لها صوتاً لكن صوتها يسكن وجداني وقلبي...
أنا أجلس خلف شاشتي في رفاهية
منزلي
وهي المرمية قطعةَ لحم لا يتجاوز
عمرها الأربع وعشرين ساعة...
أنا التي تستسهل التنظير في مآسٍ
لم تعشها
وهي... ذات الاربع وعشرين ساعة
التي تختصر عمراً بل عصراً... وقل دهراً من المآسي
أنا التي يُخيّل إليّ في سكون يومي
وضجيجه أنني أسمع صراخها
وهي الموؤودة بلا وأد
القتيلة بلا قتل
والمرجومة بلا رجم
وهي... كل ذلك وأكثر
هي التي انتفى من قلب ووجدان مَن لقّح
ومَن ولدتها كل ذرة من أدنى شعور يملكه الحيوان قبل الإنسان فرمياها لوحوش الفلا
التي افترستها وتركتها قطعاً متناثرة...
هي كلّ ذلك... بجسدها الممزّق... قطعةً قطعة دليل على همجية مملكة الإنسان بما يتخطى كل الكائنات
هي... التي مرت خفيفة كطيفها بما
يُعد بالثوان على نشرة أخبار متلفزة ومن ثم اختفى أثرها
أليست هي من سيسأل يوماً بأي ذنب
قُطّعت؟
أؤمن بأنها ستسأل..وأؤمن بأنها
ستُجاب
أحبُ إلها ً رحمن رحيم، ملك لا يبال بدنس البشر
إلهي منزّهٌ عن الالتفات الى
لحظات الخلوة والمتعة لكن عرشه يهتز... لها هي... إلهي الذي أحبه وأعبده وأشكره وأؤمن به
لا يُعيرهما بالا ً لكنه أنصت الى صراخها ... تُقضم وتُرمى
إلهي... رؤوف... إحتضن رفاتها وسيُحيي
عظامها من رميم لتؤشّر عليهما في اليوم
الموعود...
إن كنتما قد رميتماها للوحوش
مخافة الله أو من يعبدونه فمن المؤكد أنكم تعنون إلهاً آخر..
من المؤكد أن... لكم إلهكم ولي إلهي...
* (عرضت قناة الجديد لقطات مموهة لجثة
"لقيطة" لا يتجاوز عمرها الاربع وعشرين ساعة رميت في الأحراش حيث التهمتها الحيوانات!)
No comments:
Post a Comment