Monday, 15 December 2014

... صباحات قديمة


يأتي صوتهما عاليا ً ككل صباح، يبدآن نهارهما في باحة منزلهما وكأنها واحدة من غرف البيت  الداخلية.

يمر أبو محمد فتنده له الحجة ليدخل. "القهوة جاهزة". تصرخ بصوت جهوري حاد. صوتها لا يعكر وضوح نشرة أخبار البي بي سي التي يستمعان اليها.

تمر شاحنة مسرعة وتكاد تصطدم بسيارة على الكوع تحت نافذتي مباشرة.

وأنا أحاول إكمال نومي في دفء سريري.

صوت المذياع عالياً في المطبخ . أمي في روتينها اليومي تستمع لدعاء الصباح بصوت السيد فضل الله.

تفتح ابنتي باب غرفة النوم لتوقظني.

جسدي هنا حيث أولادي يبدأون ضجتهم الصباحية المعتادة، حيث لا حجة ولا أبو محمد ولا بي بي سي ولا أمي. جسدي يستيقظ هنا بعيدا آلاف الأميال عن هناك حيث ذاكرتي تنبض طازجة لا تعترف بمسافةٍ  ولا زمن.

خيّل إليّ لوهلة أنني سأخرج الى الشرفة لأرى ناس قريتي يتوجهون مسرعين الى سوق الجمعة وأنني سأدخل المطبخ لأعد قهوتي فأرى أمي منهمكةً  شأنها دائماً.

كان ليكون يوما ً مثالياً.

سأغادر فراشي الآن. سأدخل مطبخي الكندي البارد لأعدّ القهوة. لا شرفة هنا، لا سوق جمعة ولا أمي تستمع الى دعائها لكن نهاري سيبدأ بقبلات وضحكات ولا أروع من أطفالي الثلاثة.

ذاكرتي ستهمد تحت ضغط مهامي اليومية وسأبدأ نهاري بعيدا ً جدا ً عن حيث استيقظت منذ دقائق قليلة فقط.  

No comments:

Post a Comment